مجلة المجمع ومطبوعاته
كانت فكرة إنشاء مجلة للمجمع قديمة صاحبَت إنشاءه، وصدر العدد الأول منها في (21 من ربيع الآخر 1339هـ= يناير 1921م) في اثنين وثلاثين صفحة، متضمنًا عددًا من المقالات بأقلام أعضائه، وظلت تصدر شهرية عدة سنوات، لكنها جابهت صعوبات مادية، جعلتها تصدر كل شهرين بدءًا من سنة (1351هـ= 1931م)، ثم أخذت المجلة تصدر فصلية ابتداء من سنة (1379هـ = 1949م).
ولا تزال تصدر حتى اليوم على هذا النحو؛ ونظرًا لأهمية موضوعات المجلة وصعوبة الوصول إلى مقالاتها ذات القيمة العلمية؛ فقد قام العالم الموسوعي السوري "عمر رضا كحالة" بإعداد فهارس خاصة لكل عشر سنوات من عمرها، وصدر المجلد الأول سنة (1375هـ= 1956م) لهذا الفهرس الضخم، ويتضمن الفهرس ما صدر من المجلة في السنوات العشر الأولى، ثم توالت الأجزاء الأخرى من الفهرس.
وتضمن نشاط المجمع إحياء التراث العربي، وكان هذا هدفًا من أهدافه التي تناولها بيانه الأول، وقد توالى صدور الكتب التي قام المجمع على إحيائها؛ مثل: "رسالة الملائكة" لأبي العلاء المعري، و"الدارس في تاريخ المدارس" للنعيمي، وديوان الوأواء الدمشقي، على أن المشروع الكبير الذي ينهض المجمع به هو تحقيق كتاب "تاريخ مدينة دمشق" لابن عساكر، وهو كتاب ضخم جدًا، وقد صدر منه ما يزيد على عشرة مجلدات، وما يزال المتبقي من الكتاب يحتاج إلى مزيد من الجهد حتى يتم نشره كاملاً. والجدير بالذكر أن مطبوعات المجمع قد تجاوزت أكثر من مائتي كتاب.
أعضاء المجمع ورؤساؤه
يتألف المجمع من عشرين عضوًا عاملاً من سوريا، يشكلون لجان المجمع، مثل: لجنة المخطوطات وإحياء التراث، ولجنة المصطلحات، ولجنة المجلة والمطبوعات، ولجنة اللهجات العربية المعاصرة، ولجنة ألفاظ العربية.
وإلى جانب هؤلاء الأعضاء العاملين يوجد عدد غير محدود من الأعضاء المراسلين من العرب أو من غيرهم، وقد ضمّ المجمع منذ إنشائه كوكبة من أعلام اللغة والأدب في العالم العربي، من أمثال: مصطفى لطفي المنفلوطي، وأحمد تيمور، وحافظ إبراهيم، والرافعي، والمازني، والعقاد والزيات، وطه حسين من مصر. والطاهر بن عاشور وحسن حسني عبد الوهاب من تونس. والزهاوي، ومعروف الرصافي ومحمد رضا الشبيبي من العراق. وإسعاف النشاشيبي وخليل السكاكيني وعادل زعيتر من فلسطين. ولويس شيخو، وأمين الريحاني، وشكيب أرسلان من لبنان، وحمد الجاسر من السعودية. ويُنتخَب رئيس المجمع لمدة أربع سنوات من قِبل أعضائه، وقد تعاقب على المجمع منذ إنشائه خمسة من كبار الأدباء والعلماء في المشرق العربي هم:
- محمد كرد علي، وهو مؤسس المجمع وأول رئيس له، وكان واسع العلم والاطلاع موفور النشاط على كبر سنه، وهو من أعلام الفكر في القرن الرابع عشر الهجري، من أهم كتبه: "خطط الشام" في ستة مجلدات، وقد دامت فترة رئاسته حتى وفاته سنة (1372هـ = 1953م).
- خليل مردم بك، وهو الرئيس الثاني للمجمع، وهو شاعر محلق، جمع إلى جانب موهبته في الشعر غزارة العلم والمعروفة، تولى وزارة المعارف والخارجية، وتولى رئاسة المجمع بعد محمد كرد علي، وظل رئيسًا للمجمع حتى وفاته سنة (1379هـ= 1959م).
- مصطفى الشهابي، وهو الرئيس الثالث للمجمع، انتُخب عقب وفاة خليل مردوم بك، وكان متخصصًا في الزراعة، وله معجم مشهور بعنوان "معجم الألفاظ الزراعية"، وقد أهدى المجمعَ أَنفَسَ ما في مكتبته من مطبوع ومخطوط، وظل رئيسًا للمجمع حتى وفاته سنة (1388هـ= 1968م).
- حسني سبح، وهو الرئيس الرابع للمجمع، وهو طبيب يحسن التركية والفرنسية والإنجليزية والألمانية، وله نشاط معجمي بارز، انتُخب رئيسًا للمجمع عقب وفاة مصطفى الشهابي، وظل رئيسًا للمجمع حتى وفاته سنة (1407هـ= 1986م).
- شاكر الفحام، وهو الرئيس الحالي للمجمع، انتُخب بعد وفاة حسني سبح، وهو متخصص في الأدب، وله نتاج معروف في هذا الشأن.
تطور في حياة المجمع
تأسس المجمع باسم "المجمع العلمي العربي" بدمشق، وسُميت مجلته بهذا الاسم، ثم عدلت التسمية إلى "مجمع اللغة العربية" تأسيًا بالمجامع العربية الأخرى، وذلك في سنة (1386هـ= 1967م)، وقد تم توحيد هذا المجمع مع نظيره في القاهرة سنة (1380هـ= 1960م) بعد قيام الوحدة السورية مع مصر، فصدر قرار جمهوري بتوحيد مجمعيْ القاهرة ودمشق، واعتبارهما فرعين لمجمع واحد مقره القاهرة، يتكون أعضاؤه من ثمانين عضوًا عاملاً؛ نصفهم من المصريين، وعشرون من السوريين، وعشرون من ممثلي البلاد العربية الأخرى، غير أن هذا الاندماج لم يدُم طويلاً، فانفكّت عراه بعد انهيار الوحدة المصرية السورية، وانفصل المجمعان، وعاد كل منهما إلى ما كان عليه من الاستقلال.
وظل المجمع قائمًا في المدرسة العادلية وسط دمشق القديمة، حتى ضاقت غرفه بدوائر المجمع ولجانه المتزايدة، وقد تم بناء مقر حديث للمجمع ذي طوابق متعددة، نُقل إليه سنة (1400هـ= 1980م)، وإن بقيت بعض دوائره تشغل المبنى القديم.
ولا يزال المجمع يقوم برسالته في خدمة اللغة العربية، وإحياء التراث العربي، ووضع المصطلحات الجديدة للمستحدثات الجديدة.
من مصادر الدراسة:
أحمد فتيح: تاريخ المجمع العلمي– دمشق– 1956م.
خيرية قاسيمة: الحكومة العربية في دمشق– دار المعارف– القاهرة– 1971م.
عدنان الخطيب: العيد الذهبي لمجمع اللغة العربية– دار الفكر– دمشق.
عبد الغني العطري: مجمع اللغة العربية بعد ستين عامًا من تأسيسه– مجلة الفيصل– العدد (20)– (صفر 1399هـ= يناير 1979م).
أبو فراس السباعي: مجمع اللغة العربية بدمشق، الأول والأعرق بين المجامع العربية– مجلة المنهل– العدد (444) – السنة 52– المجلد (47)– (رجب 1406هـ= مارس 1986م