معركة ملاذكرد أشهر معارك التاريخ الإسلامي
يقول بن كثير في كتابه البداية والنهاية في الجزء الثاني عن هذه المعركة .
ثم دخلت سنة ست وخمسين وأربعمائة 456هـ وفيها المعركة التي غيرت مجرى التاريخ(منازكرد) والتي قال عنها المؤرخون "وكانت هذه الملحمة من أعظم فتح في الإسلام، ولله الحمد
وفيها أقبل ملك الروم أرمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والكرخ والفرنج وعدد عظيم ومعه خمسة وثلاثون ألفا من البطارقة مع كل بطريق مائتا ألف فارس ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفا ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفا ومعه مائة ألف نقاب وحفار وألف روز جاري ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير وألفا عجلة تحمل السلاح والسروج والغردات والمناجيق منها منجنيق عدة ألف ومائتا رجل وأهله ومن عزمه قبحه الله أن يبيد الإسلام وقد أقطع بطارقته البلاد حتى بغداد واستوصى نائبها بالخليفة خيرا فقال له ارقق بذلك الشيخ فإنه صاحبنا ثم إذا استوثقت ممالك العراق وخراسان لهم مالوا على الشام وأهله ميلة واحدة فاستعادوه من أيدي المسلمين والقدر يقول لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون
فالتقاه السلطان ألب أرسلان في جيشه وهم قريب من عشرين ألفا بمكان يقال له الزهوة في يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة وخاف السلطان من كثرة جند ملك الروم فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين فلما كان ذلك الوقت وتواقف الفريقان وتواجه الفتيان نزل السلطان عن فرسه وسجد لله عز وجل ومرغ وجهه في التراب ودعا الله واستنصره فأنزل نصره على المسلمين ومنحهم أكتافهم فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسر ملكهم أرمانوس أسره غلام رومي فلما أوقف بين يدي الملك ألب أرسلان ضربه بيده ثلاث مقارع وقال لو كنت أنا الأسير بين يديك ما كنت تفعل قال كل قبيح قال فما ظنك بي فقال إما أن تقتل وتشهرني في بلادك وإما أن تعفو وتأخذ الفداء وتعيدني قال ما عزمت على غير العفو والفداء فافتدى نفسه منه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار فقام بين يدي الملك وسقاه شربة من ماء وقبل الأرض بين يديه وقبل الأرض إلى جهة الخليفة إجلالا وإكراما وأطلق له الملك عشرة آلاف دينار ليتجهز بها وأطلق معه جماعة من البطارقة وشيعه فرسخا وأرسل معه جيشا يحفظونه إلى بلاده ومعهم راية مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما انتهى إلى بلاده وجد الروم قد ملكوا عليهم غيره فأرسل إلى السلطان يعتذر إليه وبعث من الذهب والجواهر ما يقارب ثلاثمائة ألف دينار وتزهد ولبس الصوف ثم استغاث بملك الأرمن فأخذه وكحله وأرسله إلى السلطان يتقرب إليه بذلك
*تاريخ الإسلام للإمام الذهبي
ويصف الإمام الذهبي رحمه الله المعركة وأخص بالذكر لحظه التقاء الجيشان وماذا كان رد فعل السلطان ألب أرسلان الملقب بسلطان العالم وصاحب الممالك المتسعة
فلما كان تلك الساعة (لحظه التقاء الجيشان) صلى بهم، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا فأمنوا، فقال لهم: من أراد الإنصراف فلينصرف، فما ههنا سلطان بأمر ولا بنهي. وألقى القوس والنشاب، وأخذ السيف، وعقد ذنب فرسه بيده، وفعل عسكره مثله، ولبس البياض وتحنط وقال: إن قتلت فهذا كفني.
وزحف إلى الروم، وزحفوا إليه، فلما قاربهم ترجل وعفر وجهه بالتراب، وبكى، وأكثر الدعاء، ثم ركب وحمل الجيش معه، فحصل المسلمون في وسطهم، فقتلوا في الروم كيف شاؤوا، وأنزل الله نصره، وانهزمت الروم، وقتل منهم ما لا يحصى، حتى امتلأت الأرض بالقتلى، وأسر ملك الروم،
الحمد لله رب العالمين ناصر المؤمنين الموحدين الراغبين في إعلاء كلمه الدين فأقل تقدير أيها الأحباب لعدد الجيوش الكافرة مائتي ألف وأكثر تقدير للمسلمين عشرون ألف ولاحظ أخي المسلم أنهم عائدون من معركة ما بين جريح ومرهق ولكنهم لا يتأخرون على نصرة هذا الدين فبذلوا أنفسهم وأموالهم وكل عزيز لنصرة هذا الدين فكانت لهم الغلبة وسادوا الأرض وملكوها إنهم حقا نصروا الله فنصرهم وثبت أقدام